عبد الرزاق حمد الله .. من الأنا العليا إلى ابتسامة قتلت غروره!

"سبحانه مغير الأحوال" أردد هذه الكلمة كلما تابعت وضع المهاجم المغربي عبد الرزاق حمد الله؛ محترف نادي الاتحاد السعودي، مع منتخب بلاده في كأس العالم قطر 2022، حقيقةً تفاجأت بردود أفعاله مع كل موقف، فهذا ليس حمد الله نسخة 2021 على الإطلاق..

عقلية حمد الله من أصعب العقليات التي يمكن لأي مدرب أن يتعامل معها، أو هكذا بدا منذ انضمامه للدوري السعودي في 2018، فكان بمثابة أكبر التحديات التي تواجه وليد الركراكي؛ المدير الفني لمنتخب المغرب، عندما قرر ضمه للقائمة المونديال.

تحدٍ لطبيعة اللاعب الشخصية و"كاريزمته"، التي كنت أخشى أن تمثل شرارة فتنة داخل غرف الملابس، وتحدٍ لتصريحات المدرب ضده التي أطلقها قبل المونديال وانتقاده لطريقة تحركاته في الملعب، لكن المفاجأة هي ظهور حمد الله مسالمًا تمامًا، عكس ما توقع الكثيرون وأنا منهم، فماذا حدث؟

النصر: أنا ومن بعدي الطوفان!

Al Nassr Twitter

"أنا ومن بعدي الطوفان" هذا تحديدًا ما يمكنني أن ألخص به طبيعة شخصية عبد الرزاق خلال فترة تمثيله للنصر السعودي بدايةً من صيف 2018 وحتى نوفمبر 2021، قبل أن يتجرأ النادي السعودي ويفسخ عقد مهاجمه المدلل من طرف واحد.

فترة حمد الله مع العالمي، وإن كان يعتبرها اللاعب واحدة من أفضل فتراته بالملاعب، إذ حصد لقب الدوري المحلي ولقبي كأس السوبر المحلي ووصل لنصف نهائي دوري الأبطال إلا أنها من أسوأ فتراته من الناحية الانضباطية.

تأخر عن التدريبات ورفض الامتثال للائحة العقوبات في النادي، الدخول في مشكلات مع زملائه علنًا أثناء المباريات، والاعتراض على المدرب حال استبداله، ومواقف كثيرة غير احترافية قام بها المهاجم المغربي في العالمي.

لكن وإن كان اللوم على اللاعب في المقام الأول، فهذا لا يمكن أن يبريء إدارة النصر من المسؤولية، فهي من سمحت لحمد الله أن يظن أنه فوق الجميع، هو ومن يأتي بعده لا يهم، المهم هو وفقط.

بيئة العالمي أتاحت له الفرصة، وكريزما حمد الله و"الإيجو" الخاص به وجد البيئة المناسبة، التي ينمو بها ويترعرع، حتى كتب نهاية سيئة له في النصر.

الاتحاد: لا صوت يعلو فوق صوت الفريق

al ittihad twitter

بدايةً من يناير 2022، كان التغير الكلي في شخصية حمد الله، أو لنكون أدق، بداية تحجيم "الأنا العليا" في شخصيته..

في العميد، هناك رومارينيو دا سيلفا اللاعب الذي يلعب لسنوات مع النمور، ولم يخرج بتصرف واحد يعبر عن كونه فوق جميع زملائه، هناك أحمد حجازي القائد دون شارة، وهناك الحارس مارسيلو جروهي المتواضع وغيرهم من النجوم، وقبل كل ذلك هناك جماهير لا تسمح لأي منهم أن يظن أنه أهم من الفريق، فالاتحاد لا يقف على حمد الله حين يغيب، والجماهير لا تمجده وحده، وإن كانت تعطيه حقه في التلاسن مع جمهور النصر، لكن بأرض الواقع وفي الملعب، لن يكون نجمًا فوق الفريق عند جمهور النادي الجداوي.

هكذا هي طبيعة الاتحاد الذي أجبرت حمد الله على الخضوع لسياسته، إذا أراد كسب محبة جماهيره، ففهم الدرس جيدًا، وكان درسًا جعل منه حاليًا فردًا ضمن الكتيبة التي تكتب تاريخ العرب في مونديال قطر حاليًا، في إنجازات تتحقق لأول مرة في تاريخ مشاركات المنتخبات العربية.

المغرب: هذبني الاتحاد ولن أكرر أخطائي

getty

مع أسود الأطلس، تم الدفع بحمد الله لدقائق معدودة في نهاية أول ثلاث مباريات، وكانت أكثر مدة لعبها هي 17 دقيقة فقط، ومنذ نهاية دور المجموعات، أصبح الساطي حبيسًا لمقاعد البدلاء.

لكن تجده يمتثل للتعليمات بابتسامة، وتجده أول من يحتفل مع الجماهير بتحقيق الإنجازات سواء في الملعب أو في فندق الإقامة أو مع زملائه في غرف خلع الملابس بالرقص والغناء، لم يعد لديه مشكلة في عدم المشاركة، فطالما الفريق يحقق الانتصارات فلا مشكلة، الكل في واحد، أصبح حمد الله أكثر عقلًا لدرجة أذهلتني حقيقةً.

حقًا شكرًا لبيئة الاتحاد، التي أعادت الساطي إلى رشده من جديد، وشكرًا لوليد الركراكي، الذي نجح في أن يحافظ على وحدة أسود الأطلس وابتسامة حمد الله رغم عدم المشاركة، وبالطبع شكرًا لعبد الرزاق نفسه أنه عرف معنى أن كرة القدم كرة جماعية، وأن "الأنا" نهايتها الهلاك.