كريم رزق فيسبوك تويتر
يا إلهي؟!
ماذا حدث؟ كيف حدث؟ لم كل هذا الانهيار؟ لم أعتد مشاهدة الأهلي الذي صال وجال في أدغال أفريقيا واصطاد التماسيح وأسر الأسود والنمور وأقام حفلات الشواء على جثث ضحاياه أمام جماهيرهم تتم إهانته بمثل تلك الطريقة في بلاد الثائر نيلسون مانديلا بخماسية هي الأثقل في التاريخ الأفريقي للإمبراطورية الحمراء.
خماسية لن نعرف تأثيرها حقاً ولا أبعاد وطأها القاسي قبل سنوات، مثل تلك الهزائم تلتصق بجبين الكيان أبد الدهر، ويتم وصم لاعبي الفريق بالعار مهما مر من الأعوام، كل من شارك في تلك المرحلة سوف يتم استقباله في القائمة السوداء لكتب التاريخ.
دوماً شاهدت الأهلي حينما يصل نهائي بطولة، يحتضن الكأس دون الدخول في حسابات لأنها كانت مسألة وقت، كان الرهان دوماً على التاريخ والخبرة والإرث وروح القميص الأحمر، الفوز كان الاختيار الأول والأخير والإجباري عند جماهير واثقة في فريقها حتى مع تغير الأسماء واختلاف الظروف وتداول الأعوام "الأهلي بمن حضر".
لكن تلك كانت الأيام...خسارة نهائيين متتاليين في دوري أبطال أفريقيا لحساب الوداد المغربي في 2017 والترجي الرياضي التونسي في 2018 كان بمثابة زلزال ونبوءة جديدة بتغير معايير اللعبة في القارة السمراء، لم يعد شرطاً تتويج الأهلي بالبطولة ما دام وصل لمحطتها الأخيرة، كما هو ليس شرطاً للزواج أن يكون الحب متبادل، استعصت الأميرة ورفضت عاشقها الأول وتبدلت أوراق اللعبة فيما يبدو لوقت ليس بالقصير.
الترجي التونسيالفريق الأكثر تتويجاً بدوري أبطال أفريقيا لثماني مرات ونادي القرن في أفريقيا خسر نهائيين متتاليين، تغير جلده وتغيرت معه المعادلة بلاعبين أقل جودة وأضعف في الحماس وأجهزة فنية أصغر من حجم الكيان تتعامل معنا كأننا فئران تجارب.
عندما يمرض الأسد وتقترب نهايته، تتجرأ عليه حيوانات الغابة، لطالما انتظرت سقطته، توعكه، حتى تنهي سيطرته وتقضي على حكمه، خسر الزعيم اللقب مرتين متتاليتين، لم لا يخسر خارج ملعبه، ولم لا نهاجمه في ملعبه، إنه من لحم ودم مثلنا، ليس من الفضاء الخارجي وليس من نسج قصص الخيال الأسطورية، ما يرددوه جمهوره هو محض شعارات فقط، يعيشون على ذكريات الماضي كما يعيش شعبهم على حضارة السبعة آلاف عاماً فيما تدهورت أحوال بلادهم في مختلف الجوانب، لا ينظرون للواقع، يتناسوا أن المنافسين قطعوا أشواط كثيرة في التطور والعمل العلمي للارتقاء بمستواهم فيما وقفنا نبكي على الأطلال ونركض في أماكن تجمدنا عندها.
Backpagepixجاءت الهزيمة من صن داونز لتؤرخ تأكيد نهاية مرحلة الشعارات والنزول لأرض الواقع، التغيير دوماً في بلادي في شتى النواحي لا يبدأ غير بحدوث كوارث، لا ننظر إلى الإشارات ولا نلق لها بالاً، قمنا بغض الطرف عن الكثير حتى صعقتنا السماء بخماسية فجرت براكين الغضب وأطلقت أجراس العار في شوارع المدينة مؤذنة بحرق كل شيء حتى تمر العاصفة فقط وتهدأ الأحداث على لا شيء، لا شيء مثل فراغ الثقب الأسود الذي أعلنت عنه ناسا وتحدث عنه ألبرت آينشتاين في القرن الماضي.
لن أخوض في تحليل فني لأسباب الهزيمة بالخماسية، لأني وقعت مثل الكثير في خضم بحار ومحيطات من الحيرة وأنا أشاهد تلك المباراة ولاعبي فريقي يشاهدون الخصم يسجل الهدف تلو الآخر وهوم يشاهدونهم بلا حول ولا قوة، لم أجد قائداً في الملعب يوجه رفاقه ويضرخ فيهم مثلنا في البيوت والمقاهي "نحن الأهلي، ماذا تفعلون؟ استيقظوا بالله عليكم!".لم أشاهد فرداً من الجهاز الفني يستشيط غضباً مما يراه بأم عينه في ملعب المباراة ويوقم بتوبيخ وإحياء الكرامة في لاعبين تخلوا عن كل كبرياء الكيان وفخر الشعار، إلا أني تذكرت كيف كانت كل الأدلة تشير إلى حدوث شيء ما لم أكن أتوقع أن يكون كارثي لهذه الدرجة.
KHALED DESOUKI/AFP/Getty Imagesلا أنتظر غداً تحقيق ريمونتادا أو الفوز بأكثر من خمسة أهداف في ظل متاهات الفريق الأحمر الحالية، لا يوجد مستحيل في الحياة ولا الكرة وجميعنا نحفظ عن ظهر قلب كل المباريات الأسطورية التي عادت فيها الفرق في النتيجة، كل ما أرغب به فقط مشاهدة فريقي، يلعب بروح قتالية ورجولة وأن يقدم مباراة قوية وأن يشعر اللاعبون بأحاسيس المشجع للنادي الذي صدم وتعرض لكسرة نفس من مصدر سعادته الأول والذي قد يكون الأوحد، رغبة وأمنية لغد يجب الاستعداد له فنياً وعلمياً لمواكبة التغييرات العصرية في خرطية الكرة بالقارة السمراء ولننحي من فضلكم الشعارات جانباً قليلاً ونهبط على أرض الواقع، ولنترك النتيجة ل "الجنرال حظ والمارشال توفيق يا جماعة" حسب تعبير أسطورة التعليق المصرية (ميمي الشربيني).