مرت ثمانية أيام على وداع المنتخب السعودي لكأس العالم قطر 2022، ولا تزال مرارة تذيل المجموعة تزعج الجمهور وغالبية الإعلاميين.
بالطبع الحديث اختلف عما كان عليه قبل البطولة، فقبلها كانت الآمال هي الخروج بأقل الخسائر في ظل قوة المجموعة بوجود الأرجنتين وبولندا والمكسيك، لكن الفوز أمام التانجو في المباراة الأولى، غير من مجرى الحديث تمامًا ورفع من طموح الجماهير، لكن هذا الطموح قتل بالانهيار أمام بولندا والمكسيك.
هذه المرارة زاد منها تمكن منتخبي اليابان وأستراليا (وصيف السعودية ووصيف الوصيف في التصفيات الآسيوية المؤهلة للمونديال) من العبور لدور الـ16، وبدأت التساؤلات: ماذا ينقص الأخضر؟
وتزداد هذه المرارة أكثر وأكثر مع عبور منتخب المغرب لدور ربع النهائي واستمرار منافسته في الحدث العالمي.
كل هذا أسفر عن حالة غضب جم تجاه الفرنسي هيرفي رينارد؛ المدير الفني للمنتخب السعودي، بل لم يكن غضبًا عاديًا، إنما الغالبية تطالب بإقالته في أسرع وقت ممكن، كخطاب اعتذار للجماهير عن الوداع المؤسف.
لكن بعض الأصوات خرجت للدفاع عنه، مذكرة الجماهير بحديثها قبل البطولة وكيف كانت هناك حالة فقدان أمل في الخروج بنقطة واحدة من دور المجموعات.
وبين مبررات هذه الفئة وذاك نتحدث في السطور التالية..
فئة الناقدة: رحيل رينارد أقل اعتذار!
عدة مبررات تستند عليها هذه الفئة، لدفع اتحاد الكرة لتوقيع ورقة إقالة المدير الفني الفرنسي وجهازه المعاون، بل تطالب برحيله رفقة أعضاء الاتحاد ورئيسه ياسر المسحل أيضًا.
الحجة الأكبر لهذه الفئة هي أن رينارد لم يقدم أي إضافة للأخضر، فقط سرق مجهود الهلال وجهازه الفني، ومع غياب نجوم الزعيم، الذين وقعوا ضحايا للإصابات سواء ياسر الشهراني، سلمان الفرج، محمد البريك، بجانب إيقاف عبد الإله المالكي، لتراكم الإنذارات، تلقت السعودية الهزائم أمام بولندا والمكسيك.
وهذا بالطبع ينقلنا للمبرر المثير للجدل الدائر حتى قبل البطولة حول اختيار الفرنسي، في ظل الانتقادات التي وجهت للاعبين البدلاء الذين شاركوا في المباراة الأخيرة أمام المكسيك في ظل كثرة الغيابات للإصابات والإيقاف، بداعي: "كان أمام رينارد من هم أفضل من هؤلاء ورفض ضمهم للقائمة!".
أما المبررات الأخرى، فهي في إطار العادة في مثل هذه المواقف بأن يتم إقالة المدربين مع الإخفاق في تحقيق الأهداف، فالمونديال أطاح بلويس إنريكي من إسبانيا، كارلوس كيروش من إيران، روبيرتو مارتينيز من بلجيكا، باولو بينتو من كوريا الجنوبية، وجيراردو مارتينو من المكسيك.
هذا بجانب الاستياء من مكابرة رينارد وعدم تقديم الاعتذار للشعب السعودي بعد الإخفاق، مثلما فعل مدرب اليابان هاجيمي مورياسو، بعدما ودع البطولة من دور الـ16، وليس حتى من دور المجموعات كالأخضر.
الفئة الداعمة: الاستقرار شعارنا!
أما هذه الفئة ترفع شعار "الاستقرار ضرورة"، مطالبة باستكمال رينارد لمهام عمله حتى نهاية عقده في عام 2027.
وتستند على رؤية 2026، كي يصعد الأخضر من جديد لكأس العالم وللمرة الثالثة على التوالي، بعدما استمر غيابه لسنوات بعد أن كان قد تأهل للحدث العالمي أربع مرات متتالية، بدايةً من عام 1994، وهو ما يتمكن من فعله أي منتخب عربي من قبل.
والداعم الأكبر لأحاديثها هي الكواليس التي تنشر عبر الحساب الرسمي للمنتخب السعودي عبر "تويتر"، من أحاديث حماسية وداعمة من رينارد للاعبين، وكيف ينجح في خلق الروح والقتال لديهم، وهو ما يظهر جليًا في حديثه للاعبين بين شوطي مواجهة الأرجنتين، ونجح بالفعل، إذ أحرج الأخضر نجوم التانجو وحول تأخره بهدف لفوز بثنائية مقابل هدف وحيد.
رحيل أم بقاء؟
وبعيدًا عن هذه الفئة وتلك، ما هو الأصلح للمنتخب السعودي؟
رينارد هو المدرب صاحب المسيرة الأطول في تاريخ مدربي الأخضر، إذ لم يسبق لأي مدرب أن استمر لثلاث سنوات مع الفريق.
المدرب الفرنسي نجح في خلق كوكبة من اللاعبين بإمكانها إسقاط منتخبات بحجم الأرجنتين.
أما مبرر أنه سرق جهود الهلال، فالزعيم يحقق البطولات القارية في وجود عدد من اللاعبين الأجانب ووجود مهاجمين أقوياء قادرين على إنهاء أنصاف الفرص في شباك الخصوم، بينما يعاني الأخضر من أزمة كبيرة في الهجوم وحراسة المرمى كذلك، مع سيطرة الحراس الأجانب على دوري روشن السعودي.
كان رينارد عظيمًا عندما قاد الأخضر لتصدر مجموعته في التصفيات الآسيوية المؤهلة لمونديال قطر لأول مرة في تاريخ الفريق، وعظيمًا عندما أسقط النجم ليونيل ميسي ورفاقه، أما وداع المونديال فهي ليست مسؤوليته وحده، إنما مسؤولية كافة مسؤولي الكرة السعودية، إذ أن هناك خطوات ملحة يجب أن يخطوها في الفترة المقبلة بعد التأخر كثيرًا في اتخاذها، كانت سببًا في وداع المونديال، يمكنكم الإطلاع عليها من خلال هذا الرابط.
أخيرًا، إقالة رينارد ليست حالًا، الأخضر مقبل على خليجي 25 وكأس آسيا 2023، والأمل في تحقيق الإنجاز لا يزال قائمًا ومونديال 2026 في انتظار كتيبة رينارد بشرط تحرك مسؤولي الكرة السعودية، لإصلاح ما كشفه مونديال 2022 من عيوب.