Atalanta Real Madrid gfxGOAL

طبيب الأسنان أصبح جراحاً .. أسلحة أتالانتا "الفاسدة" تصنع الفارق وريال مدريد وإيطاليا قد يكونان الضحية القادمة

لا أحد يحب زيارة طبيب الأسنان، اسأل كاتب السطور الذي يعرف جيداً تلك النظرة في أعين مرضاه ويحفظ جيداً تلك الجملة التي يسمعها مراراً وتكراراً مع دخول كل واحد منهم وجلوسه على ذلك الكرسي غير المريح: "أنا لا أحبكم".

أصبح حال فرق إيطاليا الآن مثل المرضى مع طبيب الأسنان فيما يتعلق مع أتالانتا، لا أحد يحب زيارتهم لملعبه أو يتقبل فكرة الذهاب لبيرجامو للعب ضدهم، وعندما وصف بيب جوارديولا مقابلة فريق جيان بييرو جاسبيريني بزيارة طبيب الأسنان لم يبالغ، فهي حقاً مزعجة ومؤلمة للخصوم، ولكن الأمر تطور، لأن ذلك الفريق الآن أصبح بدرجة جراح خبير وليس مجرد طبيب أسنان عام!

مرت 15 جولة من عمر السيري آ والجديد أن أتالانتا حالياً يتصدر الترتيب برصيد 35 نقطة، وإن كان الصراع مشتعلاً بوجود نابولي، إنتر، فيورنتينا، لاتسيو، ويوفنتوس أيضاً في الصورة، ولكن ما يقدمه النيراتزوري الصغير حتى الآن يضعه في خانة مختلفة عن بقية ملاحقيه، 9 انتصارات متتالية بالدوري منها فوز بثلاثية نظيفة على نابولي في أرضه، بالإضافة لفوز على ميلان وآخر على روما وسداسية في فيرونا وخماسية على جنوى، ومجموع 38 هدفاً جعلته الهجوم الأقوى، أرقام ونتائج جعلته مرشحاً بجوار إنتر ونابولي للذهاب بعيداً في صراع اللقب عكس السنوات الماضية حيث كان مرشحاً دائماً ليكون الحصان الأسود.

الموضوع يُستكمل بالأسفل

ولم تتوقف النتائج الإيجابية لأتالانتا محلياً، إذ واصل الفريق تفوقه الأوروبي الذي اعتقد البعض أنه بلغ ذروته باكتساح باير ليفركوزن وتتويجه بلقب الدوري الأوروبي الموسم الماضي، إذ يحل الفريق خامساً بترتيب دوري أبطال أوروبا بشكله الجديد برصيد 11 نقطة، الوضع الذي إذا استمر سيضمن له مركزاً مباشراً في دور ال16، والفضل يعود لنتائج مميزة مثل الفوز على شتوتجارت خارج أرضه والتعادل مع آرسنال سلباً، وتلقي هدف وحيد حتى الآن ليكون ثاني أقوى خطوط الدفاع بالبطولة بعد إنتر.

الجولة السادسة ستشهد استقبال أتالانتا لريال مدريد في إعادة لكأس السوبر الأوروبية التي تُوج بها العملاق الملكي أغسطس الماضي على حساب النادي الإيطالي بعد الانتصار بهدفين نظيفين، ولكن يبدو وأن الآية انقلبت، الميرينجي الذي بدا وقته وكأنه يواصل من حيث أنهى الموسم الماضي وكان يشع بالثقة وسجل له كيليان مبابي هدفاً ظن الكثيرون أنه سيكون بداية لسلسلة لن تتوقف الآن يعيش وسط الشكوك والإصابات، صحيح تعافى قليلاً مؤخراً ولكن تذبذب النتائج مستمر، والإصابات تواصل ضربه بقوة، وآخر الضحايا فيرلان ميندي الذي سقط في انتصار جيرونا وانضم لقائمة طويلة ستغيب عن موقعة ملعب "جويس" ضد أتالانتا الذي الآن يدرك أنه قادر ربما على صنع التاريخ وتحقيق انتصاره الأول ضد كبير أوروبا.

الحديث عن ثورة أتالانتا منذ وصول جاسبيريني مدرباً في صيف 2016 موضوع قُتل بحثاً، ما فعلاً المدير الفني الإيطالي الذي يلقب بأليكس فيرجسون إيطاليا معجزة حقيقية في مجال التدريب وبإمكانيات أقل بكثير من منافسيه نجح في تحقيق بطولة أوروبية وأصبح عنصراً حاضراً دائماً في صراع الكبار بإيطاليا ودائم التواجد أوروبياً، ولكن الكثيرون يغفلون في تحليلهم سياسة وضعتها إدارة النادي برئاسة عائلة بيركاسي وطبقها الجهاز الفني بنجاح على مدار 9 سنوات.

"الجميع متاح للبيع وأي لاعب يمكن تعويضه" .. هكذا كان شعار أتالانتا مع بيركاسي وجاسبيريني، كل عام يقوم الفريق بعدد ضخم من التحركات في سوق الانتقالات ويفقد نجماً أو أكثر ولكن لا يتأثر على الإطلاق، بل ويضم لاعبين قد لا يكونون بنفس القيمة وينجحون في التألق وبعد فترة وجيزة يتم بيعهم أيضاً بمبالغ ضخمة، وتستمر العملية في الدوران حتى يومنا هذا.

العامبيع (مليوناً)شراء (مليوناً)
20161541
20176678
20186021
201960109
20206278
20216651
2022105135
202315278
202411597

يوضح الجدول أعلاه صافي عمليات بيع وشراء أتالانتا في سوق الانتقالات منذ وصول جاسبيريني (بحسب موقع ترانسفر ماركت)، دائماً يحقق صافي ربح الفريق الإيطالي سواء على المستوى الاقتصادي أو الفني، وكل عام تقريباً يقوم بصفقة بيع ضخمه أو أكثر لأبرز لاعبيه، الصيف الماضي مثلاً باع تون كوبمينرز ليوفنتوس مقابل 55 مليوناً بالإضافة ل18 لاعب آخر غادر الفريق، مقابل ضم 12 لاعباً صنع بهم تشكيلاً قادر على المنافسة على جميع الجبهات وأصبح يملك في كل مركز خيارين أو أكثر، وبعض الصفقات كانت رهاناً ناجحاً للغاية مثل تفعيل شراء تشارلز دي كيتيلاري من ميلان مقابل 22 مليوناً، والذي حتى الآن ساهم في 14 هدفاً بكل المسابقات، وبنفس المبلغ تقريباً ضم ماتيو ريتيجي الذي يحتل صدارة هدافي الدوري الإيطالي.

ملاحظة ملفتة هي أن معظم من رحلوا عن أتالانتا في عمليات بيع ضخمة عانوا بعيداً عن بيئة جاسبيريني، انتقل راسموس هويلوند قبل عامين تقريباً لمانشستر مقابل قرابة 90 مليوناً وحتى الآن فشل في تثبيت أقدامه كأساسي، كوبمينرز لا يقدم نفس المردود في يوفي، جوسينس مقابل 22 مليوناً إلى إنتر ولكن بعد عام ونصف غادر لأونيون برلين ومنه لفيورنتينا، أندريا كونتي وروبرتو جاليارديني دفع قطبا ميلان في كل منهما قرابة 25 مليون يورو ولم يقدما نفس الأداء، والأمثلة عدة، لتصبح صفقات ضم اللاعبين من أتالانتا أشبه بالأسلحة الفاسدة للحاصل عليها بعد استثمار كبير، وإن كان هناك أمثلة ناجحة مثل أليساندرو باستوني وأماد ديالو، ولكن فيما يتعلق بالفريق الملقب بالإلهة، فهو يجمع الأموال ويملك اقتصاداً ينافس بيه كبار القارة العجوز وفي نفس الوقت لا يتأثر، بل يتحسن كل عام عن سابقه رغم استمرار سياسة بيع النجوم.

الآن يبدو وأن أتالانتا بدأ يدرك الوضع الذي وصله، هو ليس مفاجأة أو حصاناً أسود بعد الآن ولكن أحد الكبار في إيطاليا ولما لا في أوروبا حتى عطفاً على نتائج الأعوام الماضية، واقتصاده المنتعش الذي لا يتمتع به مجموعة من أعرق الأندية، والموسم الحالي قد يكون فرصة لاستكمال إنجاز الموسم الماضي ولقب الدوري الأوروبي، الفريق لم يكن يعي ذلك في أغسطس الماضي بالسوبر واكتفى بالتمثيل المشرف وفكرة حضوره في المباراة بحد ذاتها كان إنجازاً باعتراف قائده مارتين دي رون، ولكن الآن على ريال مدريد وإيطاليا وكل أوروبا الحذر من فريق بدأ يدرك حجم قوته وإمكانياته، ومباراة هذا الأسبوع ضد حامل اللقب قد تكون ليس فقط فرصة للثأر ولكن بداية الرحلة نحو مشاهدة أتالانتا على منصات التتويج مجدداً في مايو المقبل، ولكن هذه المرة فيما هو أكبر وأهم من الدوري الأوروبي!

إعلان