هيا بنا نعود إلى الوراء قليلًا، وتحديدًا في تاريخ السادس عشر أكتوبر لعام 2022، عندما انتهت منافسات الجولة الثامنة من دوري كأس الأمير محمد بن سلمان للمحترفين، ليتوقف الدوري لفترة طويلة، استمرت لمدة شهر، تزامنًا مع مشاركة المنتخب السعودي في نهائيات كأس العالم في قطر، والتي حملت ذكرى لا تُنسى لجماهير الأخضر، بالانتصار التاريخي على الأرجنتين، في مباراة الجولة الأولى، بثنائية صالح الشهري وسالم الدوسري.
اشترك الآن على شاهد للاستمتاع بأبرز مباريات دوري روشن السعودي
وقتها فاز الشباب على الخليج برباعية دون مقابل، ليتزعم صدارة الدوري السعودي، برصيد 22 نقطة، مبتعدًا بفارق ثلاث نقاط عن النصر الوصيف، وكان الاتحاد ثالثًا بـ18 نقطة، ليؤكد الليوث أنهم عازمون على المنافسة بشراسة على اللقب.
ولكن، تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فما إن عاد الشباب من توقف كأس العالم، حتى مني بخسارة فادحة أمام الفتح بنتيجة (1-4)، في مباراة الجولة العاشرة، وبعد أن بدأ الشباب الموسم بـ6 انتصارات متتالية في أولى 6 جولات، وتحقيق 7 انتصارات وتعادل وحيد - كان أمام الهلال بهدف لمثله - في أولى 8 جولات قبل التوقف، بدأت رحلة الليوث مع المعاناة؛ حيث خسر من الفتح، ثم فاز على الاتفاق، قبل أن يخوض 4 مباريات متتالية دون أن يذوق طعم الفوز، وتعادل حينها مع الاتحاد (1-1)، والنصر دون أهداف.
وانتهى المطاف بفريق الشباب، محتلًا المركز الرابع في جدول الدوري، برصيد 56 نقطة، فيما توج الاتحاد باللقب، بعدما تزعم الصدارة بـ72 نقطة، ثم جاء النصر في الوصافة بـ67 نقطة، والهلال ثالثًا بـ59 نقطة.
اليوم، يتكرر السيناريو، بعد مرور 13 جولة من عمر دوري روشن السعودي؛ الاتحاد يتزعم الصدارة، برصيد 36 نقطة، بفارق نقطتين عن الهلال الوصيف بـ34 نقطة، قبل فترة التوقف الطويلة، التي تزامنت مع استعداد المنتخب السعودي للمشاركة في بطولة كأس الخليج العربي "خليجي 26"، كما أن التعثر الوحيد للاتحاد قبل التوقف، كان أيضًا أمام الهلال، وإن تعرض الاتحاد للخسارة بنتيجة (1-3).
ويواجه الاتحاد، تحديًا صعبًا عقب فترة التوقف، التي تستمر شهرًا، في ظل الخوف من تراجع مستوى التنافسية بين لاعبي العميد، في ظل المنافسة الشرسة مع الهلال على صدارة دوري روشن، علمًا بأن صعوبة المهمة ستظهر مباشرة بعد العودة من التوقف، بمواجهة بين الاتحاد والهلال، في ربع نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين.
عوامل تجعل الاتحاد "لا يشرب من كأس الشباب"
إذا نظرنا إلى نصف الكوب الممتلئ، فإن الاتحاد يملك عوامل تجعله في مأمن من تكرار سيناريو سقوط الشباب بعد فترة التوقف الطويلة، والتي حولته من "متصدر الدوري" إلى "الخارج من جميع البطولات".
في البداية، علينا النظر إلى الهلال، وهو في وضع لا يمكن وصفه بأنه فرصة ذهبية أم اختبار صعب لكتيبة المدرب جورج جيسوس، حيث ينتظر الزعيم استعادة نجومه المصابين، وعدم خوض الكثير من المباريات بدونهم، سواءً البرتغالي روبن نيفيش الذي ينتظر عودته في يناير، بعد إجراء جراحة في الوتر الرضفي للركبة، وكذلك نيمار الذي يستعد للعودة في النخبة الآسيوية، بعد إصابته في العضلة الخلفية.
في المقابل، تم استدعاء 10 لاعبين من الهلال في بطولة خليجي زين 26، الأمر الذي يجعل جيسوس "يضع يده على قلبه"، خوفًا من حدوث إصابات قد تربك حسابات المدرب البرتغالي بعد التوقف، والتي ظهرت بوادرها قبل البطولة، سواءً سالم الدوسري الذي تعرض للإصابة في مباراة الرائد - قبل التوقف - وبدت إصابته أخطر من المتوقع، بعد تعرضه لكسور في الوجه تصعّب مشاركته في خليجي، وكذلك الحارس محمد اليامي الذي عانى من آلام في الظهر، وحسان تمبكتي الذي غادر المران بسبب مفصل القدم.
أما عن الاتحاد، فإنه لم يتم استدعاء الكثير من العناصر للمنتخب السعودي، حيث ذهب 3 لاعبين فقط، وهم عبد الإله العمري، الذي عاد بسبب الإصابة، ومهند الشنقيطي وصالح الشهري، الأمر الذي قد يقلّل من احتمالات وقوع إصابات في صفوفه خلال الفترة الجارية.
وينتظر أن تشهد فترة التوقف عودة مصابي الاتحاد، أبرزهم الفرنسي موسى ديابي، الجناح السوبر، الذي تم إعلان غيابه شهرين للإصابة بالتواء في الكاحل الأيسر وأربطة المفصل، كما ينتظر العميد عودة حسام عوار وعبد العزيز البيشي أيضًا.
العامل الثاني هو قلة البطولات التي ينافس عليها الاتحاد هذا الموسم، حيث يلعب فقط في مسابقتي دوري روشن السعودي وكأس خادم الحرمين الشريفين، في حين كان الشباب ينافس أيضًا على البطولة العربية في موسم 2023، حيث تأهل إلى نصف النهائي، قبل خروجه على يد الهلال.
هذا الأمر يجعل الاتحاد أكثر تركيزًا في المنافسة على لقبي الدوري وكأس الملك، ويجعل لاعبيه أقل عرضة للإصابات العضلية، في الوقت الذي يجد الهلال نفسه، مطالبًا بالمنافسة من مختلف الجبهات، بين الدوري والكأس ودوري أبطال آسيا للنخبة، ناهيك عن المشاركة في كأس العالم للأندية 2025.
هنا عامل آخر يجب على الاتحاد أن يراعيه جيدًا، والذي يتميز به الهلال، وهو "النفس الطويل"، والقدرة على اللعب حتى اللحظة الأخيرة، سواءً في المباراة، أو في الدوري بشكل عام، هذا الدرس الذي لم يتعلمه الشباب في الموسم قبل الماضي، فهل سيثبت الاتحاد بأنه قادر على المنافسة أمام عملاق شرس سيدافع بكافة أسلحته عن لقب الدوري، وهو الهلال؟ أم ستتأكد قاعدة أن التوقف الطويل يعد وبالًا على متصدر الدوري؟