GFX Edin Terzic Borussia DortmundGetty Images / GOAL

أفضل من كلوب وضحية الحرب" .. ترزيتش المشجع الذي تحول إلى أسطورة بوروسيا دورتموند

هل تتخيل أن تتحول من مشجع لناد مدينتك إلى مدربه في نهائي دوري أبطال أوروبا؟ سيناريو يليق بلعبة "فوتبول مانجر" وليس من سيقود بوروسيا دورتموند أمام ريال مدريد مساء السبت المقبل!

بنفس هذا التوقيت العام الماضي كانت دموع ترزيتش تنهمر أمام مدرجات السيجنال إيدونا بارك عقب أن أضاع ناديه فرصة ذهبية للتتويج بالبوندسليجا بالتعادل مع ماينز الذي كان لا ناقة له ولا جمل في المباراة، وأهدى اللقب لبايرن ميونخ، ليصبح مستقبل المدرب الألماني على المحك، وضع عاشه مرتين هذا الموسم كذلك، ولكن كل ذلك أصبح من الماضي الآن عقب أن قاد المدير الفني الشاب نادي المدينة التي وُلد فيها لنهائي الأبطال في "ويمبلي" حيث تواجد قبل 12 عاماً ولكن بصفته كمشجع وعاشق.

الموضوع يُستكمل بالأسفل

وُلد تيرزيتش لأب بوسني وأم كرواتية هاربين من التوتر السياسي في يوغوسلافيا في مدينة ميندن الصغيرة على بعد 30 دقيقة من دورتموند، ولكن تلك الظروف تبعتهما، إذ يتذكر إدين مع "أتلتيك" ذكرياته مع الحرب في تسعينات القرن الماضي: "كنا نستمع للراديو لساعات لمعرفة الأخبار، وكثيراً ما نمت مع أخي خارج غرفنا لإيواء أفراد من العائلة، وتوقفنا عن زيارة بلادنا الأم"، ظروف شكلت حياة إيدن الصغير الذي انقطعت صلته ببلده الأم مبكراً وفقد أحد أعمامه نتيجة للحرب في يوغوسلافيا.

كانت دورتموند بمثابة الملاذ الآمن لإيدن وأخيه ألين، الأخير الذي عمل هو الآخر في بوروسيا بل ودرب أيضاً فريقه الرديف في موسم 2019-2020، ولكن بالعودة للشقيق الأشهر، درس إيدن الرياضة وخصيصاً كرة القدم في جامعة المدينة "RUB" حيث درس مع بيتر لانج، الشخص الذي لعب دوراً مهماً في حياة ومشوار ترزيتش.

"إيدن أكمل كل فروع دراسته ولكن كرة القدم كانت خاصة له، لقد كان مؤهلاً (علمياً) أكثر من مدربين مشهورين من أمثال أوتمار هيتزفيلد أو يورجن كلوب حتى"، هكذا يعلق لانج على تلميذه النجيب، والذي كان مدربه في فريق الجامعة أيضاً حيث لعب ترزيتش كمهاجم.

ولم يكن مشوار تيرزيتش اللاعب كبيراً، إذ لعب في الدرجة الرابعة الألمانية، وأبرز محطاته كانت مع فيستفاليا هيرني الذي كان يدربه وقتها مدرب بنفيكا الحالي روجر شميدت.

بدأت رحلة ترزيتش مع دورتموند في 2010، المشجع تحول إلى مدرب مساعد لفريق تحت 19 عاماً مع هاني وولف زميله من فريق الجامعة، بالإضافة إلى العمل مدير كشافي النادي سفن ميسلينتات العائد مؤخراً للعمل في دورتموند.

ولكن انطلاقة ترزيتش الحقيقية لم تكن في دورتموند كمدرب، ولكن في بلاده التي حرمته منها الحرب، كرواتيا، والفضل يعود لأحد أساطيرها سلافن بيليتش.

التقى بيليتش بترزيتش في 2012 أثناء تحضير الأول لأمم أوروبا وأُعجب بإمكانياته وفكره التدريبي، وطلب المدرب المخضرم من الشاب مساعدته لإيجاد حل تكتيكي للتغلب على منتخب أيرلندا.

يقول تيرزيتش عن تلك المناسبة نقلاً عن "نيويورك تايمز": "وضعت بضع الملاحظات، مثل مركز مودريتش، الأيرلنديين يغلقون مساحة اللاعب رقم 10 ببراعة ولذا أخرت مركز لوكا وجعلته يلعب من العمق أكثر"، النتيجة؟ فوز كرواتيا 3-1 ومودريتش قدم تمريرتين حاسمتين، وبداية علاقة مهنية بين بيليتش وتيرزيتش.

كان تيرزيتش بعد يعمل مع دورتموند بتلك الفترة كمساعد لفريق الشباب وبفريق الكشافة، ولكن بيليتش أراده بشدة ولذا تفاوض مع مدير النادي مايكل زورك و"استعار" المدرب الشاب لعامين ليكون مساعده في بشكتاش ثم وست هام، حيث اكتسب الكثير من الخبرات بالعمل مع مدرب الاتحاد السابق.

عاد تيرزيتش إلى دورتموند ولكن في أجواء مختلفة عن وقت انضمامه حيث كان الفريق يهيمن بوجود كلوب ثم توماس توخيل، ولكن الآن كان هناك بيتر بوش الذي رحل بعد 6 أشهر فقط، لتقرر الإدارة اللجوء إلى تيرزيتش من باب تعيينه مساعداً للسويسري لوسيين فافر من باب وجود شخص يعرف النادي جيداً، فترة عاد فيها دورتموند لتقديم كرة قدم جذابة وفاز بالسوبر الألماني عام 2019، ولكن فافر تمت إقالته في 2020 لسوء النتائج، لتتاح الفرصة أخيراً لتيرزيتش لقيادة فريقه المفضل ويصبح رجله الأول، واحتاج فقط 6 أشهر ليحقق بطولته الأولى عندما فاز بالكأس المحلية في 2021.

رغم الإعجاب الكبير بالمدرب الشاب في أروقة بوروسيا ولكن ذلك لم يكن كافياً ليفوز بالمنصب بشكل دائم وتم تعيين ماركو روزه وتصعيد ترزيتش كمدير تقني للفريق، ولكن موسم واحد فاشل لروزه أعاد تيرزيتش مدرباً حتى يومنا هذا لدورتموند، فترة كاد الفريق يعيد لقب البوندسليجا الغائب منذ 11 عاماً، وكون فيها جهازاً فنياً شاباً ضم نوري شاهين وسفن بندر لاعبا الفريق السابقين، وتم الحديث عن إقالته وتعيين يوليان ناجلسمان في محله، وتم حتى انتقاده من جماهير ناديه التي يراه بعضها كمشجع ومحب أكثر منه مدرب جيد، ولكن إعادة الفريق لنهائي دوري الأبطال أسكت كل تلك الأصوات.

"8 نهائيات، 8 انتصارات، لقد حان الوقت لإيقاف سلسلة ريال مدريد في النهائيات"، كانت تلك كلمات تيرزيتش باليوم الإعلامي المفتوح في بوروسيا دورتموند قبيل النهائي المرتقب، كلمات كبيرة من "الصغير" مقارنة بمن سيواجه في النهائي: "المباراة النهائية؟ ينتظرني زعيمها في ويمبلي"، هكذا وصف تيرزيتش خصمه كارلو أنشيلوتي، مظهراً وعياً واحتراماً كبيراً كعادته لخصومه.

سيعمل تيرزيتش على إخراج أفضل ما جعبته السبت المقبل لإحراج "الزعيم" لتفادي أن تكون زيارته لويمبلي مخيبة له ولمشجعي ناديه كما كانت قبل 12 عاماً، ولكن بغض النظر عن النتيجة، الأكيد أن الكرواتي الألماني الشاب أصبح في مصاف أساطير "أسود فيستفاليا" بفضل مسيرة استثنائية من مشجع ومحب إلى مدرب وقائد النادي الأقرب إلى قلبه.

إعلان